بقلم : ابو احمد عادل القاضي


لسنا في سباق !
-----------------

في اول سنة ذهب فيها المرجعُ السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله) الى الحج بعد اعلان مرجعيّته، كنّا من بين خَدَمة حملته.. ذات يوم تحدّث معه أحد أساتذة حوزة المرتضى في مقر الحملة،

قال له: سيدنا لم لا تفعلون كما تفعل مقرات حملات المراجع الأخرى؟

قال له السيد: وماذا يفعلون؟

قال يوزّعون الهدايا والهبات على الطلبة ( يقصد الهدايا النقديّة للمشايخ)! وكان مرمى أستاذ الحوزة مخلصا، أنها فرصة السيد - كمرجع مبتدئ- لاستقطاب العمائم السوداء والبيضاء وجمهور الطلبة، ولتكثير الحاشية والمسبّحين بحمده، وليزداد خفقُ النعال خلفه!

كان السيدُ (رحمه الله) واقفا ومتكئاُ على منسأته ( عصاه) تلقى الاقتراح بابتسامته البيضاء، وقال: أو ترانا في سباقٍ مع الآخرين!!
هذه هي روحيّة السيد لمن اتهموه ولم يفهموه، وربما فهموه ولكنهم تظاهروا أنهم لم يفهموه .. لم يكن في سباق مع الآخرين، ولم يكن بخيلاُ مع الطلبة كما قد توحي القصّة التي كنت شاهدا عليها، فلقد وقفت شخصيّا على دعمه لبعضهم في شؤون حياتيّة شتى.
أحد المشايخ ممن شهر سيف العداء بوجهه، لم يكن ليختلف معه لا في عصمة معصوم ولا في كسر الضلع ولا في مسألة فقهية خالف فيها المشهور، قال له أعطني عشرة آلاف دولار، فاعتذر له السيد أنه ليس تحت يده مال للغرض المطلوب، فخرج من عنده يشنّع عليه ولم يضع سيف التشهير!
وكان بعض الخطباء الذين يزورون بيروت يعلم أنهم يحصلون على هدايا من علماء يناوؤنه، ولم يمنع عنهم عطاء تذرّعا بهذا السبب.
وقالها له أحد علماء قم ومجتهديه عندما زاره في دمشق: سيدنا سبب الهجمة عليكم ( الدينارُ والدولار) ! أي أنكم رحتم - بإعلان مرجعيتكم- تزاحمون المراجع على استحصال وجمع الحقوق!

لم يكن السيد فضل الله (رحمه الله) في سباق مع أحد، لكنّه كان سبّاقا!!